ما هي معرفة النفس؟ وماذا سنخسر إن لم نعرف أنفسنا؟

۱

رقم المجلة

ما هي معرفة النفس؟ وماذا سنخسر إن لم نعرف أنفسنا؟

ما هي معرفة النفس، وكيف يمكنها تغيير حياتنا؟

كيف تعرّف نفسك؟

شاب ذو عقل متفكر في عالم الروبوتات، أم فتاة حساسه تعشق الروايات؟

ذلك الذي يخجل من ذكر مهنة والده أم الفتاة ابنة مدير المدرسة؟

هل أنت مثلي، عندما تجلس وتفكر في مستقبلك، تتبادر إلى ذهنك مئات الأسئلة والهموم؟

هل يسبب لك التفكير في التخصص الذي ترغب في دراسته في المستقبل، والمهنة التي ستختارها، توترًا أم يمنحك أملًا

هل تصاب بهذا الشعور مثلي أحياناً، أنك تدخل جميع التخصصات وتتعلم كل شيء؟ أم أنك لا تجد حتى وقتًا للتفكير في هذا الموضوع؟

هذه الأسئلة والمخاوف لها جذر مشترك، ولها جواب مشترك أيضًا!

لكن الجواب ليس كلمة واحدة… وربما يكون كذلك، لكن لا يمكن قوله، بل يجب إدراكه!

هل أنتم ايضًا من  الأشخاص الذين يسألون أنفسهم أحيانًا: من أنا أصلًا؟ ماذا أفعل هنا في هذه الدنيا؟ لماذا عالمي بهذا الشكل؟ لماذا أنا بهذا الشكل؟ وألف سؤال مختلف آخر؟! دعوني أريحكم، حتى لو لم تطرحوا هذه الأسئلة على أنفسكم من قبل، سيأتي يوم ترغبون فيه بمعرفة المزيد عن أنفسكم! لكن قبل ذلك، من الضروري أن نعرف: ما هي معنى معرفة النفس أصلًا؟

الكثير منا، حين نكون صغارًا، نحلم بمهنةٍ مثيرة، وعملٍ يملؤه الحماس والمغامرة، حيث نكشف الأسرار ونستكشف المجهول. وحين نكبر، نكون كأبطال القصص، نطارد الاكتشافات في حياتنا الحقيقية، وكأننا في رحلة بحث لا تنتهي. لكن العجيب أننا نغفل عن أعظم اكتشاف على الإطلاق، وهو أنفسنا! لقد غرقنا في صخب هذه الدنيا، وانشغلنا هنا وهناك حتى غفلنا عن أنفسنا. هل تساءلنا يومًا: ماذا سيحلّ بنا إن لم نعرف ذاتنا؟!

 کزهرة جميلة تعبنا لشرائها، لكن بما أننا لا نعرفها، لا نعرف كيف نعتني بها! لا نعرف اسمها، هل تحتاج إلى الشمس أم إلى الظل؟ كم تحتاج من الماء؟ هل تحب البرد أم الحرارة؟ هل ترغب في رطوبة أم الجفاف؟ بعد ذلك، مع أننا نحبها كثيرًا، نُفسدها بأيدينا ونجعلها تذبل! وبعد كل ذلك، نتساءل بدهشة: لماذا حدث هذا؟! لقد كنت أسقيها!

هذا ما نفعله في كثير من الأحيان مع أنفسنا، لأننا لا نعرف أنفسنا أصلاً ولا نعلم من نحن!

قصة الكثير منا تشبه قصة اُميد؛ فنحن في كثير من الأحيان، وفي لحظات يطلب منا فيها أحد أن نعرّف أنفسنا، نجد أنفسنا في حيرة ولا نعرف ماذا نقول أو من أين نبدأ.

وفي تلك اللحظة، يأتي جوابنا العبقري: ابن أبي!

ألا أعرف نفسي؟

إذا قال لنا أحد أنك لا تعرف نفسك، فإن ذلك يبدو عجيبًا لنا، أليس كذلك؟ نحن نعرف من نحن، من أين جئنا، ومن هم أفراد عائلتنا! نعرف ما هي الرياضة التي نحبها، وما التخصص أو الوظيفة التي نرغب بها، وما هي اهتماماتنا ورغباتنا. إذًا، ما معنى أننا لا نعرف أنفسنا تمامًا؟ وإذا كنا قد قرأنا بعض كتب علم النفس، فإننا على الأرجح لا نريد أن نُقِر بأننا لا نعرف ما هي معرفة النفس بعد!

في حين أن علم النفس يختلف تمامًا عما نُشير إليه، فإن علم النفس يدرس سلوكنا، شخصياتنا، والأشياء التي نفعلها بعقولنا، لكن ما نعنيه نحن بـ “معرفة النفس” هو أن نعرف من نحن بالضبط، وما هو تعريفنا؟ لماذا نحن هنا، من أين جئنا، وإلى أين نحن ذاهبون؟ أو حتى ما الذي نحتاجه في مسار حياتنا المليء بالمنعطفات؟ لهذا السبب، كثيرًا ما رغم اعتقادنا أن الدنيا تسير وفقًا لما نريد، وأن كل شيء على ما يرام، إلا أننا لا نزال غير سعيدين وكأننا نبحث عن شيء آخر! بمعنى أننا ناجحون في الظاهر، ونتسلق درجات النجاح والتقدم خطوة بخطوة، لكننا لا نملك السلام الداخلي! لأننا لم نعرف أنفسنا بشكل صحيح، ولم نعلم أننا مثل تلك الزهرة التي تحدثنا عنها، لا نحتاج فقط إلى الماء! لكي نعيش بسلام، لا بد أن تكون هناك أشياء كثيرة أخرى في حياتنا متوازنة، أشياء لم نكن نفكر فيها، فقط لأننا لم نعرف معنى معرفة النفس، ولم نتعرف على أنفسنا كما ينبغي.

لماذا من المهم أن نعرف أنفسنا؟

ما هي الفوائد التي تجعل معرفة النفس بهذه الأهمية؟ عادةً، عندما نريد أن نبدأ شيئًا جديدًا، نطرح على أنفسنا أسئلة مثل: هل هذا سيعود عليّ بالفائدة؟ أو هل يستحق وقتي؟ تمامًا كما نسأل أنفسنا كثيرًا عن دروس المدرسة، وغالبًا لا نجد إجابة مقنعة. إذا كنا فعلاً نريد أن نعرف ما هي معرفة النفس وهل تستحق تخصیص الوقت أم لا، يجب أن نقول إن فائدة معرفتها هي أنها تشبه تمامًا امتلاك خريطة تظهر لنا أنّ أي الأعمال تفيدنا وأيها مضيعة للوقت.

السفر نحو معرفة أنفسنا مهم حقًا، ولكن الفوائد الحقيقية وقيمتها تظهر لنا عندما نبدأ بتجربة التغيرات الجديدة. إنها مثل العثور على مرشد داخلي يساعدنا على إيجاد طريقنا في المحيط الكبير للحياة.

تخيلوا لو كان لدينا قدرة سحرية لتحويل كل شيء من حولنا إلى لعبة، ألن يكون ذلك ممتعًا؟ معرفة النفس تشبه تمامًا هذه القدرة السحرية، لكنها القدرة التي تجعل الحياة الواقعية أكثر إثارة، أي إنها تساعدنا على تنظيم كل شيء بطريقة تؤدي إلى سعادتنا ونجاحنا. في هذا الفيديو، وضّحنا لكم كيف أن معرفة هويتنا الحقيقية في فترة المراهقة تشبه إيجاد رمز سري يفتح لنا أبواب فهم أشياء كثيرة عن أنفسنا

 معرفة النفس اختيار صائب!

عندما نعرف أنفسنا حقّ المعرفة ونحدد أهداف حياتنا بناءً على هذه المعرفة، تصبح كلّ ثانية من حياتنا ذات قيمة ومعنى. لأن كلّ فعل صغير نقوم به يكون خطوة نحو تحقيق أهداف أكبر، فلا نعود مستعدين لإضاعة أيّ لحظة. تمامًا مثل الرياضي الذي يسعى للفوز بميدالية ذهبية في الأولمبياد، وينظم كل شيء، حتى أوقات راحته وتغذيته، بما يخدم هذا الهدف.

عندما نعرف أنفسنا حقّ المعرفة وندرك تمامًا ما نريد، لن نعود مرتبطين بنتائج أعمالنا. ففي أي ظرف، حتى لو لم تسرِ الأمور كما خَطَّطنا ولم نصل إلى أهدافنا، سنظلّ سعداء ومطمئنين، لأننا بنينا حياتنا على معرفة حقيقية وعميقة بأنفسنا. وعندها، يكون المهم بالنسبة لنا المضيّ نحو هدفنا الحقيقي، وليس النتائج الصغيرة أو الكبيرة التي نحققها.

هل لاحظتم كيف كنّا في صغرنا نبذل كل جهدنا للتهرّب من واجبات المدرسة؟ لكن الآن، بعدما فهمنا سببها، ندرك أنّ القيام بها كان لصالحنا. في الواقع، إن كلّ تهاون في الحياة يعود إلى عدم معرفتنا الحقيقية لأنفسنا. فبطريقة ما، لأننا لا نعرف من نحن وما دورنا في هذا العالم، نظنّ أنّ التهرّب من الأعمال والمسؤوليات التي تقع على عاتقنا، تكون في مصلحتنا. لكن من فوائد معرفة النفس هي أنّها تعلّمنا أنّ الأمر ليس بهذه البساطة!

معرفة النفس تجعلني مختلفًا!

يظهر الناس ردود أفعال مختلفة في مواقف مختلفة. تخيّلوا أنك تلعب لعبة فيديو، وفجأة تصل إلى مرحلة أكثر صعوبة من المراحل السابقة. في هذه الحالة، قد يصاب البعض بالإحباط ويتوقفون عن اللعب، بينما يجد آخرون فيها دافعًا للاستمرار بقوة أكبر من قبل. هل تعلمون ما الفرق بين هاتين الفئتين؟ الفرق يكمن في الطريقة التي ينظرون بها إلى الأمر، وهذه النظرة تنبع أساسًا من تعريفهم لأنفسهم، أي من معرفتهم لأنفسهم!

هناك من لا يستطيع فعل أيّ شيء دون الحصول على تأييد الآخرين، أو يظنّ أنّه يجب أن يُغيّر نفسه باستمرار ليُرضيهم، لكن إن عرفنا أنفسنا، فالأمر سيختلف تمامًا! عندها سنفهم أننا مثل الألماسة: ثمينون ونادرون. وحتى إن أخطأ البعض وظنّ أننا مجرّد حجر عادي، فهذا لا يُنقص من قيمتنا شيئًا، أليس كذلك؟ إذا عرفنا قيمتنا الحقيقية، فلن تؤثّر فينا آراء الآخرين السلبية وكلماتهم المحبِطة، لأنّ معرفة النفس تجعلنا مثل محيط عميق، لا يمكن لقطرة حبر أن تُغيّر لونه.

والنتيجة؟

إذا أردنا تلخيص كلّ ما قلناه في بضع جمل، فعلينا أن نقول إنّ معرفة النفس يمكن أن تكون كقوّة سحرية تُغيّر مسار حياتنا وسلوكنا. فهي ليست مجرّد درس عادي نتعلّمه في المدرسة ثمّ ننساه بعد أيام، بل هي أساسٌ يساعدنا على فهم كيفيّة التعامل مع العالم من حولنا، والتعرّف على قيمتنا الحقيقية، بل وتمكيننا من تجاوز تحديات الحياة وضغوطها بسعادة ونجاح. لذا، قبل فوات الأوان، دعونا ننطلق معًا في هذه الرحلة الرائعة لاكتشاف ذواتنا الحقيقية!

لبدء هذه الرحلة، املأ حقيبتك بالمعرفة حتى نتعلّم تدريجيًا كيف نستخدم معلوماتنا. وبالمناسبة، لا تنسَ أن تأخذ معك مصباحًا لإنارة الدروب المظلمة! ها هو هنا في الأسفل، قد حمّلناه لك!

يمكنكم تحميل ملف PDF للمقالة من الرابط أدناه.

قم بتنزيل النسخة الرقمية من المجلة الآن واحصل دائمًا على المحتوى الأكثر تحديثًا معك!

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

أحدث المجلات ذات الصلة