اعرف نفسك قبل أن تفوتك الفرص الذهبية في حياتك!

الخلاصة

رقم المجلة

اعرف نفسك قبل أن تفوتك الفرص الذهبية في حياتك!

إذا كنت تريد أن تعيش بسعادة وراحة بال دون ندم، فلا بدّ أن اعرف نفسك!

هل لاحظت كيف يبدأ الأساتذة بإجراء الامتحانات في منتصف الفصل الدراسي؟

السبب هو أن مراجعة ما تعلّمناه من قبل.

يعني نعيد ما درسناه حتى نثبت المعلومات في ذهننا، ونتذكّر ما كنّا قد نسيْناه، لكي نكمل الطريق بقوّة وثقة. 

حسنًا، ولماذا ذلك؟

لأن أمامنا امتحانًا أهم وهدفًا أعظم.

وفي “برنا” يسري نفس القانون، لكن الفرق هو أن ما نتعلّمه هنا أهم بكثير من دروس المدرسة، لأنه درس الحياة. بل إن معرفتنا أو جهلنا بمفاهيم معرفة النفس، هي التي تحدد حتى موقفنا من المدرسة نفسها.

ولا تنسَ أننا أمام امتحان، وهو أعظم ما في حياتنا، ونجاحنا فيه هو أعظم إنجاز يمكن أن نحققه.

إن لم يكن أحد قد قال لنا من قبل: “اعرف نفسك”، ولم يخبرنا ما فائدة معرفة النفس، فربما نتخذ موقفًا سلبيًّا من البداية، ونقول في أنفسنا: وسط هذا الزحام من الدروس والامتحانات، والمشاغل والمفاجآت… من يملك الوقت كي يجلس ويتأمّل نفسه؟!

ولماذا أُضيّع وقتي وطاقتي على مفهوم لا يشبه حتى أسلوبي ومظهري؟!

غافلين عن أن معرفة النفس قد تكون سرّ نجاحنا في الحياة كلّها، وأن “اعرف نفسك” قد تكون المفتاح الذي يفتح لنا كنوز عمرنا. كلّ ما نحتاجه هو أن نُقبل عليها بصدق، ونمشي معها خطوة بخطوة، وسنُدهش حين نرى إلى أين يمكن أن تأخذنا!

لقد تحدّثنا في هذه الأسابيع عن أشياء كثيرة، لكن كلّ شيء بدأ من عدّة أسئلة بسيطة، أسئلة قد لا نكون قد طرحناها على أنفسنا من قبل، لكن سيأتي يوم سنسألها فيه حتمًا، مثل: من أنا؟ ولماذا أنا هنا؟ ولماذا يبدو عالمنا هكذا؟ ولماذا أنا نفسي على هذه الهيئة؟ وأسئلة كثيرة أخرى! حسنًا، لن نفهم أجوبة هذه الأسئلة إلا إذا عرفنا أنفسنا.

شرحنا أنّ المقصود بـ”اعرف نفسك” ليس أن تعرف ما هو لونك المفضل، أو أين تقع شامتك على وجهك، أو أي فريق تشجّع، أو كيف تحب أن تقضي وقتك! أنتم تعلمون أن مقام معرفة النفس أسمى بكثير من هذه الأمور، وإذا لم نعرف ما هي ولم ندرك فوائدها، فلن نقترب منها أصلًا!

والحقيقة أن معرفة النفس تشبه خريطة؛ خريطة مثيرة في استخدامها، جميلة في تفاصيلها، ترينا من أين نبدأ وإلى أين سنتجه، وحتى إلى أين سنصل في النهاية! هذا يعني إذا عرفنا أنفسنا، سنُحدّد أهداف حياتنا بشكل صحيح ولن نضيّع وقتنا، وسنعيش بلا همّ ولا حزن لأننا نعرف أن ما نفعله هو الصواب!

ومعنى ذلك أننا عندما ندرك قيمتنا، لن نتأثر بأي ريح عابرة، وسنحظى بالفرح والسكينة!

أوّلًا، عليك أن تعرف حاجتك؛ ثمّ بعدها تنتقل إلى مرحلة الاختيار!

هل يمكن أن نعيش من دون معرفة أنفسنا؟!

في الحقيقة، من الطبيعي أن نكون بعيدين عن مفهوم معرفة النفس، لأننا كلّ يوم نرى في المرآة أعيننا ووجوهنا وشكلنا الخارجي، لكن قلّما سمعنا من يقول لنا: “اذهب وتعرّف على نفسك!”

وما لا نعلمه أن حقيقتنا وذاتنا الحقيقية أعمق بكثير من ملامح وجوهنا في المرآة. فهي لا تقف عند عمرنا، ولا عند كوننا ذكورًا أو إناثًا، ولا عند مرحلتنا الدراسية، أو أُسرتنا، أو موطننا. إن ذاتنا الحقيقية تعرف أنها من الله، ولا تقبل أن تُقاس بأمور سطحية أو محدودة.

نحن نملك في داخلنا قدرات عظيمة ومواهب دفنتها ضوضاء الحياة اليومية، وإن كنا نريد اكتشافها، فالمفتاح الوحيد هو: معرفة النفس. وإلا سنبقى كالأبطال الخارقين، الذين لديهم قوى جبّارة، لكن لأنهم يجهلونها، يقضون وقتهم في ألعاب لا تليق بمكانتهم! تأمّلوا قليلًا: حين نبدأ لعبة جديدة، فإن أول ما نسأل عنه هو قوانينها، لأننا إن لم نعرف القواعد، قد نظن أننا نسير في الطريق الصحيح، لكن نفاجأ بالخسارة.

معرفة النفس هي قانون الحياة، تُرينا الطريق وتدلّنا على السبيل الأمثل لنصل إلى النجاح الحقيقي. حتى الرياضي الذي يطمح إلى الفوز، لا يكتفي بالتدريب، بل يُحلّل نفسه، يراجع نقاط قوّته وضعفه. فكيف نرجو النجاح، ونحن لا نعرف أنفسنا بعد؟

كن على قدر قيمتك!

فلو كانت قيمتنا تساوي قلَمًا عاديًّا أو أنّ أعمارنا بلا حدود ولا نهاية، لربّما لم يكن هناك فرق كبير إن عرفنا أنفسنا أم لا! كنا سنجرّب ونُخطئ، ونصطدم هنا وهناك، حتى نعثر في النهاية على الطريق الصحيح وننجو بأنفسنا.

لكن الحقيقة أنّ لنا ميزات تفرّقنا عن باقي المخلوقات، وسنراجعها لاحقًا، أمّا الآن فالمهم أن نفهم: إن لم نعرف أنفسنا، ولم ندرك قيمتنا الحقيقيّة، فلن نتصرف بما يليق بكرامة الإنسان.

صحيح أنّنا ننمو كنباتات، ونعيش في مجتمعات كحيوانات، لكنّنا بشر… وإن عرفنا قدرنا، تصرّفنا بما يليق بإنسانيتنا، لكن يا ويْلنا من ذلك اليوم الذي نجهل فيه أنفسنا!

والآن، سؤال!

هل تتفقون أنّ نظرتنا للأشياء وشعورنا تجاهها هو ما يُحدّد قيمتها؟

تخيّلوا مثلًا لوحة كانت معلّقة على جدار بيت جدّتنا طوال حياتنا؛ قد لا نراها شيئًا ذا قيمة كبيرة… لكن، لو اكتشفنا فجأة أنّها النسخة الوحيدة من أعظم أعمال رسّام عالمي، فبكم تتغيّر نظرتنا؟!

أو لو قيل لنا إنّ ما في أيدينا ليس زجاجًا بل إنه أندر ألماسة في العالم، حينها لن نستطيع أن نُقدّر قيمتها أصلًا، بل قد لا نستطيع حتى النوم من شدّة التفكير بها!

إذًا، فإن قيمتنا تتبع نظرتنا لأنفسنا وشعورنا بما نحمل من قيمة…

لكن هذه النظرة تعتمد على مدى معرفتنا بالشيء، وهذا لا يقتصر فقط على التحف والكنوز والذكريات… بل ينطبق أوّلًا علينا نحن! لأنّه إن عرفنا أنفسنا، وأدركنا قيمتنا الحقيقيّة، ستتغيّر أفكارنا، وقراراتنا، واختياراتنا، وسلوكنا، ليتناسب ذلك كله مع مقامنا، وحينها لن نندم لاحقًا على شيء.

وما أجمله أن نبدأ بالتفكير في هذه الأمور ونحن ما زلنا في سنٍّ يافعة، فنبحث عن قيمتنا الحقيقية منذ وقتٍ مبكر! تمامًا مثل ذاك الفتى الذي سأل الأستاذ عن أهمّ جملةٍ في هذا العالم في هذا الفيديو:

كيف أعيش حياتي؟

لو ألقينا نظرة على أسلوب حياتنا، سنفهم بسهولة أدوات وطرق نراها مناسبة للوصول إلى السعادة، وسنعرف ما نمنحها قيمة ومكانة. تعرفون، نحن نختار غالبًا عادات وسلوكيات متناسبة لمعتقداتنا وشخصيتنا وطريقتنا في التفكير.

فمثلًا، إن كنا نحب قضاء الوقت مع الأصدقاء ولا نستمتع كثيرًا بالوحدة، أو إن كنا نفضّل الملابس الكلاسيكية ولا نهتم كثيرًا بالموضة، أو إن كان لله حضورٌ مهمّ في حياتنا وليس مجرّد زاوية مهملة… فكل هذا ينبع من نظرتنا لأنفسنا وللحياة.

بمعنى أننا، بحسب الصورة التي نرسمها لأنفسنا، نحدّد قيمتنا، ثم نبني نمط حياتنا على أساس تلك القيمة.

ولكن المشكلة أنّ هذا الأسلوب في الحياة لا يمنحنا دائمًا راحة البال؛ فقد نملك كل ما نريد ونبدو سعداء من الخارج، لكن يكفي أن نختلي بأنفسنا، حتى تنهال علينا الأفكار السلبية والقلق والتوتر! والسبب؟ لأن الراحة تختلف عن السكينة! فالعيش بدون نقص قد يمنحنا راحة جسدية، لكن من دون معرفة النفس… من المستحيل أن نصل إلى السكينة الحقيقية.

من على حق؟

لطالما اختلف الناس في هذا السؤال: من الذي على حق؟ هل هم أولئك الذين يحكمون عليَّ بطولي وشكلي ومظهري ودرجاتي الدراسية وشهاداتي وحجم بيتي ورصيدي في البنك؟ أم الذين يقولون: “اعرف نفسك”، ويهتمّون بذاتي الحقيقية؟ أقصد بتلك الذات التي لا حدود لها، والتي لا علاقة لها بعمري أو جنسي أو جنسيتي أو ديني أو مذهبي!

الناس، بحسب نظرتهم للحياة وميولهم، ينقسمون إلى فئتين: فئة تؤمن بالماديات والطبيعة، وفئة تؤمن بالفطرة. ومن الطبيعي أن يبني كلٌّ منهم أسلوب حياته وأهدافه وأحلامه على أساس ما يؤمن به.

فالماديّون، مثلًا، يرون أن حياتنا قصيرة، وتنتهي بالموت، وأن وجودنا يقتصر على هذا الجسد فقط؛ ولهذا يسعون بكل ما لديهم لإرضاء حاجات الجسد ورغباته. فتراهم دوماً يركضون خلف المال واللذة والمظاهر، لأنهم يرَون أن السعادة تكمن في هذه الأشياء، ولا يعرفون طريقًا آخر لإشباع شوقهم الداخلي نحو اللانهاية.

لكن، بما أن هذا الشوق لا حدّ له، فهم لن يبلغوا الراحة النفسية أبدًا… لأن من يبحث عن اللامحدود في الأشياء المحدودة، سيبقى دائمًا في حالة نقص وتعب.

لكن الأمر مختلف عند أولئك الذين يؤمنون بالفطرة، لأنهم لا ينظرون إلى الحياة كأنها يومان وتنتهي، ولهذا تكون قراراتهم واختياراتهم وتصرفاتهم مختلفة تمامًا.

فهم يرَون أنفسهم أكبر من مجرد “رجل” أو “امرأة”، أو “طبيب” أو “معلم”، ولهذا يركّزون جهودهم على أهداف أعمق وأكبر، لا على أهداف صغيرة وسريعة الزوال.

وهذا لا يعني طبعاً أن الدنيا لا تهمّهم، لكنهم يرَونها وسيلة، لا غاية، وسيلة توصِلهم إلى الهدف الأسمى الذي خُلقوا لأجله.

في نظرهم فإن السعادة الحقيقية هي تلك التي تُشعر الإنسان بالفرح والسكينة، ولا تتحقق هذه السعادة إلا إذا اتّصل الإنسان بمصدرها الحقيقي… أي: بالله!

والآن القرار قرارك… أي نمط حياة تختار؟

وأين تضع نفسك؟ في أي فريق؟

أظن أنك الآن عرفت لماذا تُعتَبر معرفة النفس أمرًا بالغ الأهمية، ولماذا لا يمكن لشيء أن يساعدنا على فهم أنفسنا والنجاح في الطريق الذي أمامنا سوى عبارة: “اعرف نفسك!”

فلو كنت تحب أن تعرف المزيد على ما تحدّثنا عنه من قبل، فابقَ معنا…

استمع جيدًا لحلقة “سراج”، وانتظر التصنيف الجديد لمجلّات “برنا”!

يمكنكم تحميل ملف PDF للمقالة من الرابط أدناه.

قم بتنزيل النسخة الرقمية من المجلة الآن واحصل دائمًا على المحتوى الأكثر تحديثًا معك!

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

أحدث المجلات ذات الصلة